تعتمد
المؤسسات الصغيرة و المتوسطة على عدة عوامل من أجل النمو في ظل الاقتصاد التنافسي
إستراتيجية التدويل
في محيط
عالمي تبحث المؤسسات الصغيرة و المتوسطة على النمو خارج حدودها سواء عن طريق
التصدير، إنشاء فروع، عقد شراكات أو مشاريع مشتركة، لذلك فإن التوجه نحو التدويل
هو رافعة حقيقية لنمو المؤسسات الصغيرة و المتوسطة.
وفي هذا
الإطار توجد العديد من الاستراتيجيات التي يمكن للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة أن
تتبناها من أجل اكتساب حصص سوقية في الخارج، منها التطوير الدولي من خلال
إستراتيجية التصدير-الاستيراد انطلاقا من البلد الأصلي، التطوير الدولي من خلال
الابتكار التنظيمي و التطوير الدولي من خلال التموضع في الخارج و التصدير انطلاقا
من البلد المضيف.
ولنجاح إستراتيجية
التدويل، على المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تجاوز مجموعة من الصعوبات التي تواجهها
خلال تدويل نشاطها، منها المهارات الضرورية للتحكم في لغة البلد المضيف، التعرف
على القوانين و التنظيمات التجارية و الجبائية، التعرف على الأسواق الأجنبية و
الاختلافات الثقافية، كما يشكل الحصول على الموارد الداخلية صعوبات لإستراتيجية
التدويل بسبب تكاليف الأفراد، بالإضافة إلى التكاليف المتعلقة بدراسة السوق الأجنبية،
تكاليف الاستشارات القانونية، تكاليف النقل و المخاطر الاقتصادية و المالية، كما
توجد عدة صعوبات أخرى. لذلك على المقاول أن يكون متعدد الوظائف multifonctionnel يهتم في نفس
الوقت بالجوانب التقنية، التجارية و المالية.
الابتكار في كل مستويات المؤسسة
يعد الابتكار
و البحث و التطوير كإستراتيجية مفتاحية لنمو المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، حيث لا يقتصر
الابتكار فقط على الجانب العلمي أو التقني بل يمتد إلى عمليات التطوير التجاري،
التسويق، التسيير...الخ، فالابتكار يسمح لهذه المؤسسات بالاختلاف و التقدم على
منافسيها une longueur
d’avance.
وتعد إستراتيجية العناقيد الصناعية كنوع من أنواع الشراكة في مجال الابتكار التي
تتبناها المؤسسات الصغيرة و المتوسطة لتحقيق النمو.
ويسمح الابتكار للمؤسسات الصغيرة و
المتوسطة بتطوير تنافسية مستدامة لمواجهة السياق التنافسي الجديد والتغير المستمر
للمحيط، وهذا ما يؤدي إلى تعزيز وضعيتها التنافسية في الأسواق، حيث يشير Porter إلى أن الابتكار هو مفتاح التنافسية لأنه
يضمن قدرة المؤسسة على المحافظة على مزايا تنافسية مستدامة في أسواق متطورة. ويلعب
المقاول دورا مهما في تطوير نشاط الابتكار من خلال التوجه الاستراتيجي للمؤسسة،
وهذا يعتمد على مدى مشاركة الزبائن، الموردين و الشركاء المحتملين في عملية
الابتكار وتوجيه بنية المؤسسة إلى المرونة أو الابتكار الدائم.
النمو الخارجي
تبحث المؤسسات الصغيرة و المتوسطة عن حلول خارج المؤسسة
لتحقيق النمو و الحفاظ على ميزتها في ظل عولمة الأسواق، ويوجد النمو الخارجي ضمن إستراتيجية
المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، وهو يعني زيادة حجم المؤسسة من خلال مجموعة من
المؤشرات كزيادة عدد العمال، أدوات الإنتاج، رقم الأعمال، الأرباح ...الخ. حيث
يسمح النمو الخارجي ببلوغ الحجم الذي يساعد المؤسسة على متابعة التطورات السريعة للأسواق،
كما يساعد على اختراق أسواق صعبة أو غير معروفة، ويسمح بضمان درجة استقلالية
متعلقة بالمخزونات أو التسويق ويسمح النمو الخارجي أيضا بتحقيق اقتصاديات الحجم.
ويوجد نوعين للنمو الخارجي، النمو
الخارجي الأفقي و الذي يتعلق بتوسيع نطاق أعمال المؤسسة التجارية عن طريق البحث عن
توسيع سوق المؤسسة أو اختراق السوق من خلال توسيع تشكيلة المنتجات للاستجابة لطلب
الزبون. النمو الخارجي العمودي والذي يعتمد على منطق الاندماج، ويكون عن طريق
النمو العمودي الأمامي من خلال اندماج مورد أو مقاول من الباطن، أو يكون عن طريق النمو
العمودي الخلفي من خلال اندماج الموزعين، ويساعد النمو العمودي على التحكم في
تكاليف التموين و التوزيع.
ويساعد على نجاح النمو الخارجي وجود
مشروع مؤسسة قوي، واضح ومقبول وأن تكون للمؤسسة إستراتيجية واضحة وقيم قوية
ومشتركة. كما يساعد على نجاح هذه الإستراتيجية وجود يقظة وذلك من خلال المعرفة
التامة للمحيط العام للمؤسسة، كما أن فرص نجاح النمو الخارجي تفترض التوقع و
التنظيم ولتنفيذها يجب اتخاذ القرار ونوعية الاندماج المطلوبة لتحقيق النمو
الخارجي.
قدرة المسير على تحقيق النمو و الإقبال على المخاطرة
إن تطور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة مرتبط بسلوك المسير الاستباقي و الهجومي، حيث أن تحمل المخاطر و اغتنام الفرص من خصائص مسيري المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، وذلك من خلال تجميع الموارد المختلفة (المادية وغير المادية) الضرورية لتطوير المؤسسة. كما تحدد طبيعة الفرص قدرة المسير على تطوير نشاط المؤسسة، وتعتبر الفرص شرط أساسي لنمو المؤسسة، لذلك على المسير امتلاك القدرات المناسبة كالمهارات، الموارد و التكنولوجيا. بالإضافة إلى الفرص التي يقدمها المحيط، فإنه يفرض على المؤسسة مجموعة من الصعوبات على المؤسسة مواجهتها من أجل تسيير عدم اليقين الذي يميز محيطها، حيث يعتبر هذا الأخير كمصدر للمخاطر التي يمكن أن تكون داخلية أو خارجية والتي تضع المؤسسة في خطر إذا لم تتوقع هذه الأخيرة التغيرات الحاصلة في محيطها.
كما أن نمو المؤسسات الصغيرة و المتوسطة يستند على نموذج الحوكمة المعتمد من طرف المسير مهما كانت طبيعة تنظيم المؤسسة (وظائف دعم مهيكلة، شجرة اتخاذ القرار قصيرة، تفويض السلطة...)، ذلك أن المسير لا يعمل في عزلة و إنما محاط بمجموعة من الظروف و الأفراد من أجل اتخاذ القرارات الإستراتيجية.
نموذج أعمال متعدد الاستخدام All Terrain
إن إعداد نموذج أعمال متكيف يسمح للمؤسسات
الصغيرة و المتوسطة بمقاومة الأزمات و يسمح لها بمواصلة النمو و التكيف مع جميع
الوضعيات وذلك بإعداد مخطط أزمات و تركيز المجهودات على عناصر السوق، الزبائن،
الموردين...الخ، وقد تشكل هذه الأزمات عامل لتجاوز الفارق مع المنافسين و إيجاد
فرص جديدة.
ويصف نموذج الأعمال كيفية القيام
بأنشطة المؤسسة وربح الأموال، المنتجات المقدمة للزبائن، الهدف منها و الطريقة
التي تقدم بها وماهي الأرباح المنتظرة.
و يتشكل نموذج الأعمال من ثلاث مكونات
شاملة تتمثل في توليد قيمة مفضلة من قبل الأسواق، مكافأة هذه القيمة و مشاركة نجاح
القيمة مع ما يعرف بشبكة القيمة ونقصد بهم أصحاب المصلحة.
إن نموذج الأعمال هو التفسير
الاقتصادي للمؤسسة حيث يعتمد على منطق معين ومجموعة من البيانات المدعمة للقيمة
المقترحة للزبون، ويوضح بنية الأرباح و التكاليف للمؤسسة المقدمة للقيمة. ونموذج
الأعمال هو أكثر شمولية من إستراتيجية المؤسسة، لذلك من الضروري الجمع بين تحليل
إستراتيجية المؤسسة و وتحليل نموذج الأعمال لحماية الميزة التنافسية، على أن يكون
هذا النموذج مرن ومتعدد الاستخدام ليساهم في نمو المؤسسة الصغيرة و المتوسطة.
القدرة على جذب المواهب وجعلها وفية للمؤسسة
عادة مايشكل جذب المواهب و الحفاظ
عليها أهم عائق للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة و هذا ما ينعكس على جودة مواردها
البشرية، لذلك على المسير أن يزرع في المؤسسة ثقافة التطوير، النمو و استخدام
القيمة الموروثة عن المؤسسات العائلية كمشاركة العاملين في اتخاذ القرار، التعامل
بود و احترام.
كما على مسير
المؤسسة الاهتمام بانتظام حول ملاءمة التنظيم و استجابته لحاجات النمو، ويلعب
الابتكار الاجتماعي دور رئيسي في تطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة.
كما أن تطوير القدرة على جذب المواهب
يكون باستخدام استراتيجيات تجعل من المؤسسة محل اهتمام الأفراد المستهدفين، وذلك
من خلال تحري المصداقية فيما تقدمه المؤسسة واستخدام حجج متكيفة مع الأفراد
المستهدفين، وتتبع إستراتيجية جذب ووفاء الموظفين أربعة مراحل، تهتم المرحلة الأولى
بتشخيص الوضعية الحالية للموارد البشرية في المؤسسة، تليها مرحلة تقييم تكاليف
دوران العمل في المؤسسة، ومن ثم تحديد الممارسات التي تسمح بالحفاظ على الموظفين، وآخر
مرحلة تكون بوضع خطة جذب حسب مقاربة تسويق الموارد البشرية.
إرسال تعليق