مقدمة
منذ خمسين سنة تقريبا
و لازالت الأبحاث مستمرة حول المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من خلال الندوات و
الملتقيات، إنشاء الجمعيات بالإضافة إلى المجلات المتخصصة وهذا مايدل على
ديناميكية المجتمع العلمي المتخصص في هذا المجال. ماالذي يحفز الباحثين على
الاهتمام بمجال المؤسسات الصغيرة و المتوسطة؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال
ثلاث إثباتات أو مبررات:
الإثبات التجريبي-المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كمجال للتحليل
تحتل المؤسسات الصغيرة
و المتوسطة مكانة هامة في العديد من الاقتصاديات حيث تمثل أكثر من نسبة 90 ٪ من
إجمالي المؤسسات في العديد من الاقتصاديات، و تشكل هذه المؤسسات ما يعرف بـ «رهان
الحجم»، فهي تمتلك خصائص تساعدها على التكيف مع وضعيات الأزمة كالمرونة،
الديناميكية و الليونة، ومن هذا المنطلق فهي تشكل رهان اقتصادي تحمل شعار « نموذج
التكيف مع الأزمة ».
الإثبات المنهجي-المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كأداة للتحليل
نتيجة لصغر
حجمها اعتبرت المؤسسات الصغيرة و المتوسطة دائما كوحدة إنتاج وكل عملياتها بسيطة
وسهلة، في حين أظهرت مختلف الأبحاث حول هذه المؤسسات الجوانب المخفية والتي يصعب
التعرف عليها وفهمها في المؤسسات الكبيرة، كما تعد هذه المؤسسات المكان المناسب
لشمولية المعلومات. ففي الدراسات على الأفراد، يمكن الحصول على المعلومات من جميع
الأفراد على عكس المؤسسات الكبيرة التي يلجأ فيها إلى اختيار العينة الممثلة لجميع
الأفراد.
الإثبات النظري-المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كموضوع للتحليل
خلال الثمانينات احتلت
المؤسسات الصغيرة و المتوسطة مكانة مهمة كموضوع للبحث العلمي، فما هي القواعد
النظرية التي تفسر تطور التحليل؟ حيث تم تحديد عدة مبررات نظرية لوجود المؤسسات
الصغيرة و المتوسطة كدور المقاولاتية، نظرية الفجوات، الانتقادات الموجهة
لاقتصاديات الحجم أو المجال وحاجات المرونة و التغيرات لأنظمة الإنتاج. وماهي
القواعد النظرية التي تقوم عليها علوم التسيير من أجل اعتبار المؤسسات الصغيرة و
المتوسطة كموضوع/مجال للبحث؟ على المستوى النظري يتم تحديد الهوية الابستمولوجية
لمعارف المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كمجال خاص للمعارف، بينما على المستوى المنهجي
وضع مناهج وإجراءات خاصة تسمح بتحليل موضوع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بطريقة
مناسبة.
إرسال تعليق